✊ سقوط الأقنعة: حين يهدد مجرم حرب بإعدام قادة دول ذات سيادة
بقلم:
[اقتصادى/ محمد ابو الفتوح نعمة الله ]
في واحدة من أكثر اللحظات انحطاطًا في التاريخ السياسي المعاصر، خرج وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس مهددًا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية بـ"محاكمة ثورية تنتهي بالإعدام كصدام حسين".
لكن المثير للغضب أن هذا التهديد لا يصدر عن رجل سلام أو دبلوماسي دولي، بل عن مجرم حرب متهم رسميًا من المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
فكيف لقاتل أن ينصب نفسه قاضيًا؟ وكيف لمن سحق الأطفال والنساء تحت قنابله أن يتحدث عن "العدالة"؟!
🇮🇷 الدفاع المشروع... لا العدوان
إن ما قامت به إيران بقيادة مرشدها الأعلى ليس عدوانًا، بل ممارسة صريحة ومشروعة لحقها القانوني في الدفاع عن النفس، استنادًا إلى:
المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تضمن لأي دولة الدفاع عن أراضيها ضد الهجمات.
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على منشآت نووية إيرانية (كمفاعل نطنز).
عمليات اغتيال مدبّرة استهدفت علماء إيران (مثل العالم النووي فخري زاده).
الهجمات على القيادات العسكرية والدبلوماسية الإيرانية داخل أراضي دول ذات سيادة، كان آخرها قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
عشرات الهجمات الإسرائيلية داخل إيران نفسها، عبر طائرات بدون طيار وتفجيرات مستهدفة.
تصريحات كاتس لا يمكن فصلها عن العدوان الجوي الإسرائيلي الأخير على العمق الإيراني، والذي شمل استهدافًا مباشرًا لمنشآت عسكرية وصناعية، نوويه في سابقةٍ تؤكد أن إسرائيل تمارس سياسة الحرب الوقائية العدوانية دون رادع أو احترام للقانون الدولي. هذه الهجمات التي نُفذت وفق تقارير متعددة بأكثر من 200 طلعة جوية فى اليوم الأول للعدوان باستخدام طائرات F-35 وF-15، تشكل انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة.
ثانيًا: استخدام لغة التهديد للقيادات السيادية جريمة في القانون الدولي
تهديد كاتس المباشر لشخص المرشد الإيراني يعد سلوكًا يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على احترام سيادة الدول وعدم التهديد باستخدام القوة.
المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة تحظر صراحةً التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
يعتبر استهداف قادة الدول في تصريحات رسمية مخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية وتهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
قتل آلاف الإيرانيين في عمليات مباشرة أو غير مباشرة عبر العقوبات والعمليات التخريبية.
فهل المطلوب من إيران أن تصمت؟ أن تقبل أن يُقتل علماؤها ودبلوماسييها دون رد؟ هذا ليس صمتًا استراتيجيًا، بل انتحار سيادي.
⚖️ حين يصبح القاتل قاضيًا
الأدهى من الجريمة هو تبريرها والتفاخر بها. تصريحات كاتس تعني أن إسرائيل لم تعد تخجل من كونها فوق القانون الدولي، بل تُجاهر باستخدامه أداة لتهديد من يقاومها.
تخيلوا لو أن دولة أخرى – غير إسرائيل – اغتالت سفراء وقادة دولة أخرى، ثم هددت قادتها بالإعدام علنًا، ما الذي كان سيحدث؟
لكانت أُدينت في مجلس الأمن، وفرضت عليها عقوبات، ووصِمت بأنها "مارقة". أما إسرائيل؟ فمدعومة، محمية، مغطاة.
🌍 سقوط الشرعية الدولية
ما نشهده اليوم ليس مجرد خلل سياسي، بل سقوط مدوٍ لما يُسمى بالنظام الدولي. نظام يدّعي حماية السلم العالمي، بينما يسمح لجهة واحدة – إسرائيل – بارتكاب الجرائم بلا حساب، ويُدين من يردّ على العدوان.
هذا الواقع يقودنا إلى نتائج خطيرة:
تآكل ثقة الشعوب في الأمم المتحدة ومؤسسات العدالة.
تحلل تدريجي لقواعد القانون الدولي.
عودة منطق "من يملك القوة، يملك الحق"، أي شريعة الغاب بحُلّة دبلوماسية
🧭 ماذا بعد؟
حان الوقت لتدشين نظام عالمي بديل، يكون فيه القانون أداة للعدالة لا للابتزاز، وتُحترم فيه سيادة الدول وكرامة الشعوب.
نحن بحاجة إلى:
حراك إعلامي مقاوم يفضح التهديدات الإسرائيلية ويُظهر الحقائق أمام العالم.
تحالف دولي مضاد للهيمنة الغربية، يعيد الاعتبار للعدالة الحقيقية، لا "عدالة الأقوياء".
تحقيقات قانونية ومذكرات توقيف موسعة تُطال كافة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
✊ كلمة أخيرة
إن من يُهدد قادة الدول بالإعدام، لا يصدر عن قوة واثقة، بل عن كيان مذعور من الحقيقة، مذعور من العدالة، مذعور من أن ميزان القوة يتغير.
وإذا كانت كلمات كاتس تفضح سقوط أخلاقيات السياسة، فإن ردّ الشعوب الحرة والضمائر اليقظة هو ما سيُبقي شعلة المقاومة والكرامة مشتعلة، حتى تعود فلسطين، وتُحاكم الصهيونية لا الأحرار.
0 88: dm4588a03ktc88z05.html
إرسال تعليق