هل المساعدات الامريكيه المطروحه على إيران "فخ نووي" جديد؟
في خضم تصاعد التوترات النووية، وتزامنًا مع تقارير تشير إلى عروض أمريكية لإعادة تمويل برنامج إيران النووي المدني مقابل تفكيك تدريجي لقدراتها النووية والعسكرية، يُطرح السؤال: هل هذا العرض "فرصة تاريخية" أم "فخ استراتيجي" يعيد إلى الأذهان تجارب ليبيا والعراق؟
أولاً: خلفية الوضع النووي الإيراني
تمتلك إيران الآن مخزونًا من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهي أقرب من أي وقت مضى لإنتاج قنبلة نووية.
ما زالت تُشغّل آلاف وحدات الطرد المركزي المتقدمة، وترفض إعادة تثبيت كاميرات الرقابة الدولية في عدد من منشآتها الرئيسية (نطنز وفوردو).
أصدرت إيران قانون "الخطوة الاستراتيجية" لتقييد التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى تُرفع عنها العقوبات.
ثانيًا: تفاصيل العرض الأمريكي الأخير
عرضت الولايات المتحدة دعم إيران في بناء مفاعلات نووية "مدنية"، مع تخفيف تدريجي للعقوبات.
من المتوقع أن يشترط العرض فى نهاية المفاوضات :
1. تسليم إيران لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.
2. تفكيك أو تجميد وحدات الطرد المركزي.
3. الالتزام بتفتيش صارم من الوكالة الدولية.
4. وقف تطوير الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية.
ثالثًا: لماذا قد يكون هذا "فخًا"؟ تجارب تاريخية توضح الصورة
1. ليبيا (2003-2011):
سلّم القذافي برنامجه النووي الكامل طوعًا.
بعد أقل من عقد، تدخل حلف الناتو عسكريًا وسقط النظام، في غياب أي رادع نووي.
2. العراق (1991-2003):
بعد قصف وتدمير برنامجه النووي خلال التسعينات، فُرضت عليه قيود تفتيش خانقة.
في 2003، شنت الولايات المتحدة حربًا أدت إلى إسقاط النظام.
3. كوريا الشمالية:
رفضت نزع سلاحها النووي رغم العقوبات.
ما زالت تحظى باعتراف دولي ولا أحد يُفكر في إسقاط النظام بالقوة.
4. جنوب أفريقيا والهند وباكستان:
امتلاك الرادع النووي ساهم في الحصانة السيادية لتلك الدول.
رابعًا: استراتيجية "حرب الثعالب" الغربية
الهدف المعلن: منع الانتشار النووي.
الهدف الفعلي غالبًا: نزع قدرة الردع ثم الهيمنة أو الإطاحة.
يتم تقديم الحوافز الاقتصادية والمالية، لكن يُسحب الغطاء حالما يتم تدمير البرنامج أو تحجيمه.
خاتمة وتحليل: التجربة تُثبت أن الغرب لا يتسامح مع من يمتلك وسائل الردع الحقيقية، لكنه يقدم "الجزرة" حتى تُفكك تلك الوسائل طوعًا. ما يُعرض على إيران ليس إلا تكرارًا لنموذج ليبيا والعراق. إيران – التي تقرأ التاريخ جيدًا – تدرك أن امتلاك السلاح النووي أو القدرة عليه هو وحده الضمان ضد سيناريو الفوضى أو العدوان. هل تنجح "حرب الثعالب" هذه المرة؟ التاريخ يُرجح العكس.
---
المصادر الموصى بالرجوع إليها:
تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (2024-2025)
مذكرات محمد البرادعي
تقارير RAND وBrookings حول ليبيا والعراق
تحليل مراكز أبحاث كوريا الشمالية والصين النووية
0 88: dm4588a03ktc88z05.html
إرسال تعليق